تقرير الحملة الدولية لإنقاذ المعتقلين السوريين

تقرير الحملة الدولية لإنقاذ المعتقلين السوريين

لم يكن تاريخ الاعتقال في سورية حديث العهد أو مترافقاً مع الثورة السورية التي اندلعت احتجاجاتها الشعبية في آذار 2011 و لكنه قديم يعود إلى منتصف ستينيات القرن العشرين أي منذ وصول حزب البعث العربي الاشتراكي للسلطة في سورية و منذ ذلك الوقت بدأت الأجهزة الأمنية تخرج عن نطاق عملها الذي أنشأت من أجله لتتغول و تتحول إلى أجهزة مهمتها إذلال الشعب و كبته و ظلمه بشتى الوسائل .

و بعد اندلاع احتجاجات الثورة السورية منذ ما يزيد عن أربع سنوات أخذ الاعتقال يتخذ أسلوباً جديداً من حيث الأعداد و أساليب الاعتقال الممنهج الذي تتبعه حكومة النظام السوري و أجهزتها الأمنية , كما برز نوع من الاعتقال تمارسه بعض فصائل المعارضة المسلحة و التنظيمات المتشددة ليكون المواطن السوري هو الضحية الوحيدة و لكن يبقى الاعتقال الذي تمارسه الأجهزة الأمنية و القوات العسكرية التابعة لهذه الحكومة هو الأوسع و الأكبر و الأكثر إجراماً .

هناك ما يزيد عن مائتي ألف معتقل تم توثيقهم بشكل دقيق يقبعون في مراكز الاحتجاز النظامية و غير النظامية التابعة لحكومة النظام إضافة لما لا يقل عن خمسة و ثمانين ألف معتقل تم توثيق أسماؤهم تم تغييبهم قسرياً في مراكز احتجاز سرية تابعة لها و ما يزالون مجهولي المصير حتى الآن و هذه الأرقام تم توثيقها من عدة منظمات حقوقية سورية و دولية كالشبكة السورية لحقوق الإنسان و مركز توثيق الانتهاكات في سورية و الامم المتحدة تحدثت عن هذه الأرقام في أكثر من تقرير قدم لمجلس الأمن الدولي و الجمعية العامة للأمم المتحدة .

أنواع الانتهاكات المتعلقة بالاعتقال و ما ينتج عنه في سورية :

أولاً : الاعتقال التعسفي :

القانون الدولي لم يضع تعريفاً واضحاً و محدداً للاعتقال التعسفي و لكن قامت ( مجموعة العمل حول الاعتقال التعسفي ) بتعريفه على أنه : اعتقال يخالف أحكام حقوق الإنسان التي تنص عليها الوثائق المكتوبة الكبرى لحقوق الإنسان .

و لمزيد من التحديد قامت مجموعة العمل بوضع ثلاثة أنماط للاعتقال التعسفي :

النمط الأول : عندما لا يوجد أساس قانوني للحرمان من الحرية ( كأن يبقى شخص ما قيد الاحتجاز بعد انتهاء عقوبة سجنه ) .

النمط الثاني : عندما يحرم شخص ما من حريته كنتيجة لقيامه بممارسة حقوقه و حرياته التي يضمنها له الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .

النمط الثالث :عندما يحرم شخص من حريته كنتيجة لمحاكمة تتعارض مع المعايير المقررة للمحكمة العادلة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو أي أدوات دولية معينة أخرى .

في سورية نستطيع إطلاق مصطلح الاعتقال على احتجاز أصحاب الرأي أو الساسيين أو سجن أحد الأشخاص دون وجه حق حيث ( لا جريمة دون نص قانوني ) وفق المادة التاسعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و ( لا يجوز القبض على إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً ) كما هو الحال في سورية و التعسف هو المبالغة في استعمال الحق الذي تمنحه سلطة ما لأحد القائمين على التنفيذ أي السلطة التي تمنحها السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية فتستغلها الأخيرة بطريقة مبالغ فيها تصل حد الإجحاف الغير مبرر .

و حسب عدة تقارير صادرة عن منظمات حقوقية دولية و لجان تحقيق خاصة بما يجري في سورية من انتهاكات نفذت القوات التابعة للنظام السوري اعتقالات تعسفية أثناء العمليات الميدانية البرية أو بعدها مباشرة ,وتشمل عمليات الاحتجاز الأطفال و النساء و المسنين ايضاً , بالإضافة إلى احتجاز أفراد أسر المشتبه بانتمائهم للمعارضة المسلحة بمن فيهم أفراد أسر الموتى من المقاتلين بغرض الحصول على معلومات منهم أو عقاباً لهم .

و يتم الاحتجاز دون سند قانوني , ودون أن تكون هناك اسباب يجيزها القانون تبرر احتجازهم مع عدم منحهم الحق في أن يعاد النظر في اسباب احتجازهم و مدى قانونيته و نفذت قوات النظام السوري عمليات اعتقال تعسفي و احتجاز غير مشروع منتهكة بذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان .

كما عمدت بعض الجماعات التابعة للمعارضة المسلحة إلى سلب الأشخاص حريتهم بشكل تعسفي منتهكة التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني و لم تتح هذه الجماعات للمحتجزين إمكانية إخضاع احتجازهم لمراجعة أولية و دورية من قبل جهة مستقلة .

كما عمد الطرفان المتحاربان في سورية إلى أخذ الرهائن منتهكين بذلك التزاماتهم تجاه القانون الدولي الإنساني و القانون الجنائي الدولي , و تزايد عدد الحوادث التي ترتكبها الجماعات المسلحة المعارضة لحكومة النظام السوري و خصوصاً تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) .

كما برزت ظاهرة الخطف من قبل الطرفين بدافع الكسب المالي أو تبادل الاسرى و أكثر أنواع الخطف بسبب هذا الدافع هو خطف السيدات و الفتيات فاضطرت بعض الأسر لمنع النساء و الفتيات من الخروج من المنازل مما حد من حريتهن في التنقل و الحصول على التعليم .

كما و تتنافى المحاكمات التي يقيمها النظام السوري و بعض من الجماعات المقاتلة في سورية خصوصاً تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) مع أبسط المعايير المتبعة في المحاكمات وفق القوانين و المواثيق الدولية و هي في الحقيقة محاكمات صورية غالباً ما تنتهي بتنفيذ أحكام الإعدام دون وجود جريمة في الأصل حيث أن للمحاكمة العادلة شروطاً حددتها المواثيق الدولية من الضروري تطبيقها حتى في القوانين الوطنية و هي

1: ضمانات إلقاء القبض .

2: ضمانات الاستماع و الاستنطاق ( التحقيق ) .

3: ضمانات الحجز و التفتيش .

4: مدة الحراسة النظرية و التدابير الاحترازية .

5: أن تكون المحكمة مختصة و غير استثنائية و أن تكون مستقلة و محايدة .

6: علنية المحاكمات و شفوية المرافعات .

7: الأصل هو البراءة ( المتهم بريء حتى تثبت إدانته ) .

8: أن تكون هناك آجال و مدد محددة للبت في القضايا .

9:  أن يكون هناك محامون للدفاع عن المتهمين و هي أبسط الحقوق .

 

10: وجود عدة درجات للتقاضي بحيث لا يصدر القرار من محكمة واحدة بشكل مبرم إضافة إلى اتباع مبدأ عدم رجعية القوانين في المحاكمات .

كل ما ذكر أعلاه لا يطبق من قبل النظام السوري و بعض الجماعات المقاتلة في سورية على المحتجزين الذين هم في الغالبية من المعارضين السلميين و أصحاب الرأي مما يزيد في تعسف اعتقالهم و زيادة معاناتهم .

إذاً هناك التزامات متوجبة على النظام السوري و المعارضة المسلحة في ظل القانون الدولي الإنساني من أبرزها :

دعوة الطرفين إلى حماية المدنيين و ضمان سلامتهم و أمنهم فعلياً .

دعوة الطرفين للكشف عن مصير الاشخاص المعتقلين بشكل تعسفي و السماح للمنظمات الدولية المختصة بالاطلاع على حقيقة ما آل إليه مصيرهم و حفظ الأدلة التي تثبت وقوع انتهاكات بحق الشعب السوري من كلا الطرفين .

دعوة الطرفين لعدم الإقدام على الاعتقال التعسفي أياً كانت صورته أو نمطه و عدم اعتقال أي شخص دون وجود مبرر قانوني لذلك .

دعوة الطرفين لاحترام بنود اتفاقية إنهاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو ) .

معاملة جميع المحتجزين معاملة إنسانية حسب مبادىء القانون الدولي الإنساني .

و بعد كل ما سبق نخلص لنتيجة مهمة و هي :

أن النظام السوري و بعض فصائل المعارضة المسلحة ينتهكون القانون الدولي الإنساني و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية , كما تنتهك اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو ) .

كما يتجاهلون حقوق الإنسان الأساسية للأشخاص الخاضعين لسيطرتهم أو المحتجزين لديهم ولا يمتثلون لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني .

ثانياً : الاختفاء القسري :

يمكن وصف استراتيجية حكومة النظام السوري في التعامل مع المعارضة بأنها استراتيجية وحشية فبمجرد الحديث بكلمة ضد الحكومة يتعرض قائلها للاعتقال و في حال تكرار هذا الفعل أو القول مرة ثانية فذلك كفيل بأن يختفي الشخص بكل بساطة و استراتيجية النظام السوري متبعة منذ ثمانينيات القرن العشرين حيث لا يزال مصير الآلاف مجهولاً حتى اليوم يقدر عددهم بحوالي 17000 سبعة عشر ألف شخص و بعد اندلاع الثورة السورية في آذار 2011 هناك ما لا يقل عن 85000 خمسة و ثمانين ألف شخص لا يزالون مجهولي المصير حتى الآن .

و هذه الأفعال من الناحية القانونية و الدستورية تتعارض مع الدستور السوري الذي تم إقراره عام 2014 و الذي نص في عدة مواد منه على ما يلي :

المادة 33 من الدستور السوري تنص في الفقرة الأولى منها على أنه :

( الحرية حق مقدس و تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية و تحافظ على كرامتهم و أمنهم ) .

المادة 53 من الدستور السوري تنص على أنه :

1: لا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا بموجب أمر أو قرار صادر عن الجهة القضائية المختصة .

2: لا يجوز تعذيب أحد أو معاملة مهينة و يحدد القانون عقاب من يفعل ذلك و لا يسقط هذا الفعل الجرمي بالتقادم .

3: كل شخص يقبض عليه يجب أن يبلغ خلال 24 ساعة أسباب توقيفه و لا يجوز استجوابه إلا بحضور محام عنه إذا طلب ذلك كما لا يجوز الاستمرار في توقيفه لأكثر من ثمان و أربعين ساعة أمام السلطة الإدارية إلا بأمر من السطة القضائية .

و لكن ما يجري من ممارسات من قبل حكومة النظام السوري و أجهزتها الامنية معاكس تماماً لما نص عليه الدستور , كما أن ظاهرة الاختفاء القسري تشكل خرقاً لالتزامات الدولة السورية أمام نفسها ودستورها و التي تكفلت بها و تتجاهل بشكل كامل مبدأ سيادة القانون الذي اعتبر أساسياً في الدولة و المجتمع .

و في القوانين الدولية الاختفاء القسري وفق المادة الثانية للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006 هو : ( الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها و يعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده مما يحرمه من حماية القانون ) .

و تعتبر هذه الاتفاقية الاختفاء القسري جريمة ضد الإنسانية .

و قد تعرض الآلاف من الرجال و النساء و الأطفال للخطف من الشوارع و المنازل و أماكن العمل قبل أن يتم نقلهم إلى سجون رسمية أو مراكز اعتقال سرية و منهم من يبقى قيد الاحتجاز لفترات طويلة دون الحصول على أية مساعدة قانونية .

و تتعدد أنماط الاختفاء القسري في سورية و تعتبر حكومة النظام السوري المتهم الأكبر بتنفيذ هذه العمليات و احتجاز العدد الأكبر من الضحايا , كما أن المجموعات المسلحة المختلفة باتت تتبع هذا الأسلوب و لكن بنسبة تكاد لا تذكر بالمقارنة مع ما يقوم به النظام و أجهزته الأمنية حيث تم توثيق حوالي 1100 شخص تم احتجازهم من قبل مجموعات مسلحة على رأسها تنظيم الدولة الإسلامية .

و في تقرير صدر عن مكتب حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة يتحدث عن أن العدد الحقيقي لحالات الاختفاء القسري في سوريا لن يعرف إلا بعد انتهاء الصراع الدائر .

و هذه الجريمة لا تزال حكومة النظام تنتهجها لسحق المعارضة رغم مطالبات عديدة للأمم المتحدة بوضع حد لهذه الممارسات البغيضة حسب وصف الأمم المتحدة .

فالنظام السوري و بعض الفصائل المسلحة الذين يرتكبون هذه الجريمة يضربون بعرض الحائط جميع مطالبات الأمم المتحدة و أعضاء مجلس الأمن و الاهم من ذلك أبسط القواعد القانونية الدولية الداعية لحماية المدنيين مما يدل على الفشل الذريع للأمم المتحدة و أجهزتها في حماية السوريين من هذه الظاهرة مما أطلق العنان لحكومة النظام السوري للاستمرار بمواصة حملاتها في التغييب القسري دون رادع أو عقاب .

ثالثاً : التعذيب في سجون الحكومة السورية و بعض أساليب التعذيب المتبعة :

مع اندلاع المظاهرات السلمية المطالبة للحرية في سوريا في آذار من العام 2011 كان اعتقال المشاركين في المظاهرات و الداعين لها من أبرز الأسلحة التي استعملتها قوات النظام السوري الأمنية لردع من يشارك فيها و لم تكتفي الأجهزة الأمنية التابعة للنظام بالاعتقال فقط و إنما انتهجت سياسة التعذيب الشديد الذي يفضي إلى الموت داخل السجون و مراكز الاحتجاز في انتهاك واضح للقوانين الدولية و اتفاقية مناهضة التعذيب و غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والتي صادقت عليها حكومة النظام السوري في العام 2004 .

و أخذت سياسة التعذيب مع مرور أيام الثورة شكلاً ممنهجاً و تطورت لما يمكن وصفه بجرائم ضد الإنسانية وفق المادة السابعة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .

أولاً : عرفت الفقرة الأولى من المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب و غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة و النافذة بتاريخ 26 حزيران 1987 التعذيب بأنه : ( أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدياً كان أم عقلياً يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص او من شخص ثالث على معلومات أو على اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه في أنه ارتكبه هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث , أو عندما يلحق مثل هذا الالم أو العذاب لأي سبب من الاسباب يقوم على التمييز أياً كان نوعه , أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية ولا يتضمن ذلك الالم أو العذاب الناشىء فقط عن عقوبات قانونية , أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها ) .

ثانياً : التعذيب الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية

حدد ميثاق روما الاساسي لمحكمة الجنايات الدولية اركاناً معينة لجريمة التعذيب لتكون جريمة ضد الإنسانية وفق المادة السابعة منه و هذه الاركان :

1: أن يلحق مرتكب الجريمة ألماً شديدة أو معاناة شديدة سواء بدنياً أو نفسياً بشخص أو أكثر .

2: أن يكون هذا الشخص أو هؤلاء الأشخاص محتجزين من قبل مرتكب الجريمة أو تحت سيطرته .

3: أن لا يكون ذلك الألم أو تلك المعاناة ناشئين فقط عن عقوبات مشروعة أو ملازمين لها أو تابعين لها .

4: ان يرتكب السلوك كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد سكان مدنيين .

5: أن يعلم مرتكب الجريمة بأن السلوك جزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد سكان مدنيين أو أن ينوي أن يكون هذا السلوك جزءاً من ذلك الهجوم .

و عند مقارنة جرائم التعذيب التي تمارسها قوات النظام السوري و أجهزته الأمنية في مراكز الاحتجاز يتبين مدى انطباق سلوكهم مع أركان جريمة التعذيب التي تشكل جريمة ضد الإنسانية .

ثالثاً : التعذيب في القانون السوري .

ينص الدستور السوري لعام 2012 في الفقرة الثانية من المادة 53 على أنه : ( لا يجوز تعذيب أحد أو معاملته معاملة مهينة و يحدد القانون عقاب من يفعل ذلك و لا يسقط هذا الفعل الجرمي بالتقادم ) .

و هذا مانصت عليه سابقاً المادة 391 من قانون العقوبات السوري التي تحظر التعذيب و تعاقب مرتكبيه فتنص على أنه /

1: من سام شخصاً ضروباً من الشدة لا يجيزها القانون رغبة منه في الحصول على إقرار عن جريمة أو أي معلومات بشأنها عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات .

2: و إذا أفضت أعمال العنف عليه إلى رض أو جراح كان أدنى العقاب الحبس سنة .

و لكن رغم هذه القوانين التي تمنع التعذيب و تعاقب عليه في القانون السوري إلا أن النظام  إلى الآن رفض إالغاء العمل بالمادة 16 من القانون 14 لعام 1969 و التي بموجبها تعطى حصانة لرجال الأمن في حال ارتكابهم جرائم حيث لا يجوز ملاحقتهم إلا بموافقة القائد المسؤول عنهم .

و هذه المادة تشكل انتهاكاً صارخاً لكل القوانين الدولية و الوطنية و اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت عليها حكومة النظام السوري .

و نتيجة لذلك تستمر هذه الانتهاكات في السجون التابعة للنظام على الرغم من الفضائح التي نشرت عالمياً عن ارتكاب مجازر تعذيب رهيبة من قبل قوات النظام السوري و كان من ابرزها نشر 55 ألف صورة مسربة من ضابط منشق من الشرطة العسكرية السورية تظهر فيها صور قرابة 11 ألف معتقل قضوا في السجون و مراكز الاحتجاز تم تعذيبهم بأبشع أساليب التعذيب الممنهج .

و رغم تلك الفضيحة لم تتوقف هذه الجريمة ليوم واحد في سورية ففي كل يوم يوثق الناشطون في مجال حقوق الأنسان حالات عديدة لأشخاص  قضوا تحت التعذيب .

و نورد إحصائية شهر كانون الأول من العام المنصرم 2014 حيث تم توثيق ما لايقل عن 104 حالات لاشخاص قضوا تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز النظامية و غير النظامية التابعة لقوات النظام .

إذاً حالات القتل تحت التعذيب مستمرة منذ العام 2011 دون توقف و جرت عدة محاولات لتحويل ملف التعذيب في سوريا لينظر أمام محكمة الجنايات الدولية و لكن باءت جميعها بالفشل لسببين : أن سوريا غير موقعة على ميثاق محكمة الجنايات الدولية فلتحويل هكذا ملف لا بد من قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي و قد تم استعمال الفيتو من قبل روسيا و الصين أكثر من مرة مما أدى لتعطيل هذا القرار ليبقى ملف التعذيب في سوريا معلقاً إلى أمد غير معلوم و يبقى المعتقلون هم فقط الضحية و الخاسر الأكبر .

بعض أساليب التعذيب :

تتنوع أساليب التعذيب التي تستخدمها قوات النظام السوري و الأجهزة الأمنية التابعة لها في مراكز الاحتجاز النظامية و غير النظامية و لكن يجمع بينها أمر واحد هو أنها تتم بشكل متعمد و ممنهج و قد تم توثيق ما لا يقل عن 45 أسلوب للتعذيب و يمكن تقسيمها إلى قسمين :

القسم الأول : الأساليب الجسدية و أبرزها :

الفلق : تثبيت القدمين بواسطة حزام البندقية و رفعهما للأعلى و الضرب على أسفل القدمين بعصا أو كابل كهربائي .

بساط الريح : و فيه يتم إلقاء المعتقل على ظهره و تقييده إلى لوح خشبي قابل للطي بحيث يمكن رفع طرفي اللوح باتجاه بعضهما بحيث تلامس القدمان الرأس مما يسبب آلاماً شديدة في منكقة أسفل الظهر مع استمرار التعرض للضرب في تلك الأثناء .

الكرسي الألماني : و يتم فيه تقييد أذرع المعتقلين و أقدامهم بكرسي معدني مزود بمسند متحرك إلى الخلف بحيث يسبب ألماً كبيراً و ضغطاً هائلاً على عظام العنق و الأطراف مما يؤدي في أغلب الحالات إلى الإصابة بتلف دائم للعمود الفقري و حتى الشلل .

الدولاب : يوضع المعتقل داخل دولاب من وسط جسمه أو يتم ربط يدي المعتقل و قدميه إلى الخلف بحيث يصبح مثل دولاب السيارة و يتم الضرب بعصا أو كابل كهربائي على كافة أنحاء الجسم .

الشبح : تعليق المعتقل من يديه أو من كتفيه بعد ربط يديه إلى الخلف بحيث تكاد أصابع قدميه تلامس الأرض لساعات طويلة و يتم ضربه و هو في هذه الحالة .

الصعق الكهربائي : و يتم ربط المعتقل إلى كرسي معدني و إيصال مآخذ كهربائية من يديه و قدميه و أحياناً من مناطق حساسة في الجسم و تمرير التيار الكهربائي في جسمه وفق توترات متصاعدة .

التعذيب باستخدام المثقب الكهربائي و تم التعذيب بهذه الطريقة في عدة حالات .

الصلب : تربط أيدي و أرجل المعتقل على وجه بشكل الصليب و تبدأ عمليات الضرب و خاصة على الأعضاء التناسلية .

التحطيم : و فيها يتم وضع رأس المعتقل بين جدار و باب السجن المتحرك و إغلاق الباب على رأسه .

قلع الأظافر .

انتزاع اللحم باستخدام ملاقط معدنية من مناطق حساسة من الجسم .

اغتصاب معتقل ذكراً كان أم أنثى و إجبار معتقل على اغتصاب معتقل .

حرق الجلد بالأحماض الكيماوية و أعقاب السجائر .

تكسير الأضلاع .

تكبيس الأذن و الأنفس بكباسة الأخشاب .

تعليق المعتقل في الهواء و ضربه .

إدخال أدوات حادة أو زجاجات مشروبات غازية في دبر المعتقلين .

القسم الثاني : التعذيب النفسي .

أجبار المعتقل على مشاهدة معتقل آخر يتعرض للتعذيب أو الاغتصاب .

التهديد باعتقال عائلة المعتقل كزوجه و أمه و أخته و التهديد باغتصابهم و تعذيبهم أمامه .

التهجم على عقيدة المعتقل و إهانتها و شتمها .

إجبار المعتقل على التعري أمام الآخرين .

وضع المعتقل في زنزانة فيها شخص يحتضر أو شخص ميت .

أمر المعتقل بالسجود صورة رئيس الدولة .

أخذ المعتقل إلى طبيب السجن الذي يقوم بضربه على مكان الألم كي لا يطلب الذهاب للطبيب مرة أخرى .

رابعاً : المحكمة الميدانية .

و تاريخها قديم في سوريا يعود إلى فترة الستينات من القرن العشرين و طرأ تعديل عليها في دستور عام 1973 و تم حرف عملها في ثمانينات القرن الماضي إبان الأحداث المتعلقة بالصراع بين نظام حافظ الأسد و الأخوان المسلمين .

بنية المحكمة : تؤلف بقرار من وزير الدفاع من رئيس و عضوين و لا تقل رتبة الرئيس عن رائد و الأعضاء عن نقيب .

أحكامها : لا ترقى أحكامها في أحسن الأحوال إلى رتبة المحاكم القانونية العادلة و تعتبر معدومة بالنسبة للمدنيين .

و تصدر قراراتها قطعية لا تقبل أي طريق من طرق الطعن , و تطبق قراراتها بعد التصديق عليها من السلطة المختصة و تنفذ وفق التشريعات القضائية المعروفة .

تخضع أحكام الإعدام فيها لتصديق رئيس الدولة أما باقي الأحكام فيجري تصديقها من وزير الدفاع .

و يحق فقط لرئيس الدولة أو وزير الدفاع تخفيف العقوبة أو استبدالها بعقوبة أخرى أو إلغاؤها مع حفظ الدعوى , كما يجوز لهما أن يأمرا بإعادة المحاكمة أمام محكمة ميدان أخرى .

في دستور 1973 تم إحداث تعديل على الدستور السوري بإحداث محاكم سرية تسمى المحاكم الميدانية مع إضافة بند يتضمن ( عدم ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة أو الموكلة إليهم ) .

و عند انطلاق الحراك الشعبي في سورية في آذار 2011 عاد نشاطها أكثر من السابق حتى أنها سميت ( مقبرة الناشطين و الثائرين ) , و استمدت سمعتها السيئة من قسوة أحكامها التي تبدأ بخمس سنوات وصولاً إلى عقوبة الإعدام .

و كل من تتم محاكمتهم يتم تحويلهم إلى سجن صيدنايا العسكري حيث الإقامة هناك لا تقل سوءاً عن فروع الأمن .

ووفقاً للشهود و المعلومات المتواترة فإن أغلب من تم تحويلهم إلى هذه المحكمة هم نشطاء في المجال الطبي و الإغاثي أو تم اعتقالهم بشكل عشوائي و إجبارهم تحت التعذيب في الأجهزة الأمنية على التوقيع و البصم على اعترافات ملفقة دون أي مستند قانوني , و قد صدرت أحكام بحق البعض و تم تنفيذها بناء على ما أرفق في ملف المعتقل .

و عادة يتم إصدار الحكم خلال عشرة أيام على الأقل أو شهر كحد أقصى و ينفذه وزير الدفاع خلال يومين أو ثلاثة .

خامساً : الانتهاكات ضد المرأة السورية في مراكز الاعتقال :

كان للمرأة دور في الحراك الشعبي في مختلف البلدات والمدن السورية التي شهدت بداية الحراك الشعبي ضد حكومة النظام السوري .فقد كانت المرأة ممن شاركوا بإسعاف الجرحى الذين كانوا يسقطون في المظاهرات على أيدي قوات الأمن الحكومية.

كما كان لها دوار اعلامي كبير في بداية الأحداث في ايصال ما يجري على أرض الواقع من جرائم وانتهاكات بحق المتظاهرين السلميين الذين طالبوا بالحرية ووجهوا بالعنف المفرط، الامر الذي أدى الى ملاحقتها أمنيا وتعرضها للاعتقال والتعذيب.

و تستخدم قوات النظام وأجهزتها الأمنية العنف الجنسي ضد الرجال والنساء والأطفال في مراكز الاعتقال.ويعتبر العنف الجنسي سلاحاً رهيباً يستخدم كأحد أساليب التعذيب ضد النساء المحتجزات .

و تستخدم هذه الوسيلة بانتظام وبشكل ممنهج من قبل القوات الحكومية لإذلال النساء وإهانتهن دون أي رادع أو عقوبة على ارتكاب مثل هذه الأفعال.حيث تبين لنا من خلال الشهادات التي قمنا بتوثيقها من نساء تم اعتقالهن لدى الاجهزة الامنية التابعة لحكومة النظام السوري، أن حوالي 80% من هؤلاء النساء تعرضن للتهديد بالاغتصاب بشكل مباشر او غير مباشر اضافة للتحرش الجنسي من خلال لمس أجساد المعتقلات والتلفظ بألفاظ جنسية بذيئة بحقهن تتعلق بالعرض والشرف .

كما يستخدم العنف الجنسي في المعتقلات لانتزاع اعترافات حقيقية أو غير حقيقية من المعتقلات حيث ان أغلب المعتقلات قد ذكرن في شهاداتهن انهن تعرض للتهديد بالاغتصاب في حال عدم الاعتراف

ولا تقتصر الاعتداءات على مراكز الاحتجاز فالقوات الحكومية والميليشيات التابعة له قاموا في العديد من المرات بالاعتداء جنسياً و بدنياً على فتيات ونساء خلال مداهمة المنازل أثناء اجتياح المناطق السكنية.

و هناك العديد من الانتهاكات التي تم توثيقها في مراكز الاعتقال، منها:

  • الاعتداء الجنسي .
  • التعذيب بوسائل عديدة جسدية و نفسية منها:
  • استعمال الصعقات الكهربائية لإجبار المحتجزات على الإدلاء بإعترافات معينة.
  • إجبار النساء و الفتيات المحتجزات على البقاء في اوضاع مجهدة وصعبة للغاية.
  • استخدام القضبان والأسلاك والعصي المعدنية وكابلات الكهرباء في ضربهن وتعذيبهن .

و بالنتيجة فإن موضوع الاعتقال في سورية و المعتقلين يبقى هو الأمر الأكثر تعقيداً حيث تعتبره حكومة النظام ورقة للمساومة في العديد من الحالات و كذلك بعض فصائل المعارضة المسلحة ويبقى المعتقلون يمثلون المأساة الأكبر في سوريا و التي تتنوع الانتهاكات ضدهم بشكل كبير كما حاولنا أن نسلف أعلاه .