الجحيم خارج السجن

بتاريخ 10/11/2017 اطلقت منظمة ياسمين الحرية كتاب الجحيم خارج السجن وتضمت الفاعلية معرض للصور التعبيرية والحقيقية التي توضح حالة المعتقل عند خروجه من المعتقلات واقبية النظام السوري، الكتاب تم ترجمته الى اللغة التركية واللغة الانكليزية بالاضافة الى اللغة العربية، وهذه الفعالية هي جزء من الحملة الدولية لانقاذ المعتقلين في سورية التي اطلقتها المنظمة.

الجحيم خارج السجن

كتاب يروي معاناة المعتقل مابعد خروجه من المعتقل، من حيث كيفية وصوله الى اهله وبيته واندماجه بالمجتمع واحتياجاته من علاج نفسي وجسدي.

الملخص التنفيذي:

 

يتناول هذا البحث دراسة حياة المعتقل الخارج من السجن نفسياً واجتماعياً واقتصادياً، ومعرفة الأثر الذي تركه الاعتقال على حياة المعتقل بعد خروجه كما يتناول بالتحليل موضوع السجناء السياسيين السوريين السابقين، الذي اعتقلوا على خلفية الصراع الحالي في البلاد، بين عامي 2011 – 2017. وقد اعتمد على مقابلة عينة منهم، معتمداً أسلوب النظرية المجذرة، ودرس عدة أبعاد متراكبة تشكل صورة هذا الموضوع.

في البداية قد تم عرض التعريفات القانونية الدولية والسورية للمعتقل السياسي، وهي تعريفات تبقى إشكالية. ثم ناقش البحث اختبار المعتقل للعالم الخارجي لحظة خروجه من السجن، لا سيما أنه غالباً ما يكون في حالة عزلة كاملة أو شديدة عن هذا العالم وعن أي معلومات ترد منه. ثم درس هذا الاختبار على أساس الفترة التي تفصل خروج المعتقل من السجن عن لحظة مقابلته للباحثين، وحلل اختبار المعتقل لـ”الاقتلاع” Dis-Earthing من المجتمع/المدينة/ عالم المعتقل الخارجي الخاص، وهو اقتلاع ذو ديمومة.

كما تناول البحث تحليل محددات أولية للهوية الاجتماعية التي يتبناها المعتقل، وكيفية تأثير السجن فيها، والاغتراب الذي يعانيه العديد من المعتقلين، وكيفية انعكاس ذلك على شرعية الدولة كما يرونها، وعلى فهمهم وممارستهم للمواطنة لاحقاً والآن. كما حلل الهوية الذاتية للمعتقل والأنماط التي تظهر وفقها.

أخيراً، ناقش البحث مفهوم “إعادة الاندماج” في السياق السوري بناء على التحليل السابق، إضافة إلى دراسة المشكلات التي يعانيها المعتقلون السياسيون السابقون، ولا سيما اللاجئين منهم في تركيا بالدرجة الأولى.

المنهجية:

 

أ- يدرس هذا البحث أبعاداً متعددةً لحياة المعتقل السياسي السوري بعد الإفراج عنه، ويعرّفه كالتالي:

المعتقل السياسي السابق هو:

المعتقل السوري أو الفلسطيني – السوري (إذ تضم سوريا حتى قبل اندلاع الصراع السوري ما يقارب نصف مليون فلسطيني لاجئ)، الذي اعتقلته قوات تابعة للنظام السوري (سواء أكانت من الجيش العربي السوري، أم من قوات الأمن، أو قوى الشرطة، أو من الميليشيا المحلية المؤيدة لنظام الأسد، أو من الميليشيا الشيعية الأجنبية التي تقاتل إلى جانبه) على خلفية الصراع السوري الحالي؛ سواء أكان هذا المعتقل مشاركاً فعلياً في أعمال سلمية أو عسكرية، أم اتهم بذلك دون أن تكون له علاقة فعلية بمثل هذه الأعمال، أم اعتقل كرهينة لأن أحد أقربائه مطلوب للنظام.

وسنستثني من هذا التعريف المنتمين إلى كتائب مسلحة صنفت إرهابية، أو كتائب ذات إيديولوجيا إسلامية أو قومية. ويهدف هذا الاستثناء إلى تخفيف الأثر الإيديولوجي للعينة المدروسة على النتائج، ولا سيما أننا أمام بحث كيفي (إذ يحمل الإسلاميون والأكراد المنتمون إلى حزب الاتحاد الديموقراطي إيديولوجيا واضحة وأكثر تماسكاً من سواهم)، كما يهدف إلى تجنب الجدل حول كون المعتقل “إرهابياً” أو مشتبهاً بأنه كذلك، أو حتى متطرفاً، قدر الإمكان.

لا يدرس هذا البحث المعتقلين الذين اعتقلتهم قوات المعارضة السورية والأطراف غير الحكومية بأطيافها المختلفة، لسببين:

1- إن عدد هؤلاء لا يتعدى 13 ألفاً (بما في ذلك المعتقلون لدى قوات الـ PYD الموالي لحزب العمال الكردستاني PKK) أي أنهم يشكلون حوالي 10% من مجمل المعتقلين على خلفية الصراع السوري[i].

2- إن نسبة من قتل تحت التعذيب في هذه المعتقلات يشكل أقل من 1% من مجمل قتلى التعذيب في سوريا (99% منهم قتلوا في معتقلات النظام)[ii].

ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن تجنبنا دراسة المعتقلين المفرج عنهم لدى هذه الجماعات، لا يعني بأي حال من الأحوال أنها لم ترتكب انتهاكات ضد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

ولأن تعريف المعتقل السياسي إشكالي من الناحية القانونية، فقد خصصنا فقرة لنقاش التعريفات الدولية والسورية له، برهنا فيها أن المجتمع البحثي الذي يعنينا ينطبق عليه التعريف القانوني للمعتقل السياسي.

ب- تأتي أهمية البحث من أنه من الأبحاث القلائل الذي يدرس المعتقلين السياسيين السوريين بعد الإفراج عنهم (ضمن سياق الصراع الراهن)، ما يمنحه أهمية من حيث الإضاءة على حياة هؤلاء. ومن ناحية ثانية يعمل هذا البحث على زحزحة السردية البحثية وغير البحثية التي تحصر حياة المعتقل بالجحيم داخل السجن، خاضعاً للتعذيب. وهذا ما قد يساهم في تطوير الإطار السردي والخطابي الذي من خلاله تتنوع إمكانية التعبير والسرد لدى المعتقل السابق.

ج- ويهدف هذا البحث إلى اكتشاف عالم المعتقلين السياسيين خارج السجن وفق عدة أبعاد نظرية، ويسعى كذلك إلى تقديم مجموعة من المحددات العملية التي يراها ضرورية لتخطيط الدعم اللازم لهؤلاء، ويتوجه بها إلى المؤسسات الإنسانية المعنية.

ء- ولإنجاز هذا البحث استخدمنا النظرية المجذرة  Grounded Theory، وبالتالي فنحن أمام بحث كيفي استقرائي يصنف ضمن المنهج الوصفي التحليلي. ولقد رأينا أن هذه المنهجية تتيح لنا حرية الحركة أكثر ضمن البيانات التي كانت غامضة بشكل كبير بالنسبة لنا، كما أنها تتيح لنا التعمق في دراسة الظاهرة دون التقيد المسبق بمفاهيم وفئات ومقاربات معينة قد تقلل من إمكانية اكتشاف الظاهرة في عمقها.

غالباً ما تتعلق الأطر التي تستخدم في هذا النوع من الأبحاث بإعادة الاندماج في المجتمع، وهو بحد ذاته إطار واسع تستخدم ضمنه مقاربات مختلفة ولأهداف متفاوتة، مثل دراسة الهوية والهوية الاجتماعية للمعتقلين، ودراسة المواطنة، والمشاركة السياسية والاجتماعية، وأهمية دعمهم، ودورهم في إحلال السلام (ولاسيما في الدول التي تشهد عنفاً)، وما إلى ذلك.

لقد اعتمدنا في هذا البحث على هذا الإطار، واستخدمنا المصطلح “إعادة الاندماج” ليدل عليه، باعتباره الأكثر مناسبة لإبقاء البحث متماسكاً وسلساً.

اعتمدنا في هذا البحث على هذا الإطار الواسع، واعتمدنا ضمنه على المقاربات التالية:

1- نظرية الهوية .

2- نظرية الهوية الاجتماعية ونظرية التصنيف الذاتي.

3- نظرية التمثيل الاجتماعي .

4- مقاربة عملياتية تتعلق بمشاكل المعتقلين السياسيين السابقين، أو ما يمكن تسميته مقاربة إعادة الاندماج على الصعيد العملي الإجرائي.

من ناحية أخرى تجدر الإشارة إلى أننا تجنبنا أي مقاربة سيكولوجية، خلال البحث، علماً أنه لا توجد دراسات بهذا الخصوص حول المعتقلين السياسيين السوريين السابقين.

وقد راجعنا أبحاثاً عديدة تتناول المعتقلين السياسيين السابقين في مناطق مختلفة من العالم، وكانت معظم الأبحاث التي عثرنا عليها تتعلق بدراسة المعتقلين السياسيين السابقين في إيرلندا الشمالية، إضافة إلى دراسات شبيهة عن المعتقلين السياسيين السابقين في بورما، وغيرها. ورغم اختلاف الظروف بين سوريا وتلك البلدان، إلا أن هذه الأبحاث ساعدتنا في الإضاءة على عدة زوايا من موضوعنا السوري، وتوضيحها.

هـ – اعتمدنا في جمع البيانات على المقابلات المعمقة شبه المبنية، وعمدنا إلى حث المعتقل السابق على السرد، ثم استخدمنا تقنيات تحليل الخطاب لتحليل هذه البيانات.

و- أما نطاق البحث فهو:

زمانياً: المعتقلين السياسيين السوريين على خلفية النزاع الحالي، المطلق سراحهم منذ عام 2012 حتى لحظة إعداد البحث.

مكانياً: يجب أن يكون المعتقل معتقلاً داخل سوريا، أما نطاق وجوده بعد الإفراج عنه، ضمن هذا البحث، فيمكن أن يكون تركيا أو سوريا. وتم إغفال جميع الأماكن العديدة التي يمكن أن يوجد فيها المعتقل السابق مثل لبنان، الأردن، أوروبا وغيرها.

ز- المجتمع المبحوث:

يحقق المجتمع المبحوث جميع الشروط التالية:

1- جميع المعتقلين السياسيين السابقين الذين ينطبق عليهم التعريف في الفقرة (أ) أعلاه؛

2- والذين يقيمون في تركيا، أو داخل الأراضي السورية، سواء تلك التي تقع تحت سيطرة النظام، أم تلك التي تقع خارج سيطرته؛

3- والذين لا يعتبرون ناشطين سياسيين أو مدنيين بارزين أو يتبوؤون مناصب سياسية أو إدارية خدمية في المؤسسات المدنية في الخارج. إذ إن عدداً كبيراً نسبياً من المعتقلين السياسيين الذين برزوا كناشطين، كانوا ناشطين سياسيين أو مدنيين قبل اندلاع الثورة في عام 2011، وبالتالي فإن هؤلاء سيكون لهم –تلقائياً- فهم مختلف عن أولئك الذين لم يكونوا ناشطين، ولم يكونوا مهتمين بالأمور السياسية قبل الثورة بشكل فاعل. ولازال هؤلاء يمارسون دوراً حيوياً في دعم المعتقلين السابقين، والإضاءة على قضاياهم، كما في دعم قضية عشرات آلاف المعتقلين المخفيين في المعتقلات السورية.

4- الذين كان نشاطهم قبل الاعتقال يقتصر على النشاط المدني، أو الإعلامي، أو السياسي السلمي، أو الإغاثي، أو اللوجستي. وتم إقصاء من كانوا منخرطين بشكل منظم ومستمر في أعمال قتالية مباشرة مع النظام، تخفيفاً للجدل حول “طبيعتهم” كمعتقلين.

ح- وقد اعتمدنا على عينة قصدية تمثيلية قدر الإمكان، مع الإشارة إلى أن 80% من أفراد العينة يعيشون في تركيا كلاجئين.

ط- واجهت هذا البحث محددات عديدة:

1- صعوبة إيجاد ناجين وناجيات من المعتقلات مستعدين للتعاون والاجابة على أسئلة الاستبيان.

2- عدم تمكننا من الحصول على أبحاث في هذا المجال إلا إن كانت مفتوحة المصدر.

3- الفشل في تحقيق عينة تمثيلية أكثر دقة من تلك التي حققناها، من ناحية عدم إجراء مقابلات كافية مع معتقلين سياسيين مفرج عنهم لا زالوا يقيمون في سوريا.