عمري 50 عام كنت اعمل في سورية مهندس مدني ولدي مكتبي الخاص بالإضافة الى عملي بتعهدات البناء اعتقلت في 12/2/2014 من قبل فرع المخابرات الجوية بحماة في الأيام الأولى بقيت لعدة أيام بدون طعام مع تعذيب يومي دون تهمة او سبب كان تعذيب لتدمير نفسيتنا وتحطيمنا داخلياً ومعنوياُ من اجل ان ندلي لهم بالمعلومات التي يريدونها او نوقع على قائمة الجرائم التي اعدوها من اجل ارسالنا الى سجن صيدنايا والمحكمة الميدانية بدمشق ، كان حقدهم ظاهر اتجاه كل مثقف او جامعي سواء كان مهندسا او طبيبا او معلما او أي صفة تحمل شهادة علمية، كانت عبارات التحقير والنعت بصفات الحيوانات لحملة الشهادات في المعتقل هي السمة السائدة لدى عناصر الامن مثل جيبونا هالجحش المهندس مينو هدا الكر الدكتور نحنا علمناهن ونحنا عطيناهن الشهادة ونحنا منسحبا منهن وقت ما بدنا، قال لي المحقق ولا كر سحبت منك الشهادة، ان شاالله مفكر حالك اختا بفهمنتك ولك نحنا عطيناك الهندسة كرم اخلاق مننا، ولك السيد الرئيس مفضل عليكن علمكن وعطاكن شهادات، صار بدكن حرية وتعملن ثورة، في هذه المرحلة تنتفي أي اعتبارات للإنسانية، يصبح الجميع كأنة حيوانات تم تهجينها لتوضع بحضيرة تغذت على عقيدة البعث الاستبدادية، القمعية لأي فكر قد يهدد استمرارية استبدادية تلك العصابة المتعطشة لجلد البشر وسفك دمائهم. بعد معاناة دامت ثلاثة اشهر تقريباً تم احالتي الى دمشق لاستكمال التحقيق في مطار المزة العسكرية لأقبع هناك سنة كاملة بدأت من التحقيق مع مسلسل تعذيب جديد بدأ من الضرب بالعصاة البلاستكية المسماة الأخضر الابراهيمي انتقالا الى الكرباج الرباعي الأسود وبعدها الى الشبح لساعات طويلة بنفس أسلوب الحقد والكراهية الذي اتبع بحماة الا انه كان يشرف على التعذيب في حماة مساعد اسمه فرحان من بلدة تدعى الربيعة في ريف حماة اما في الجوية في مطار المزة اصبح المحقق ضابط اسمه المقدم سهيل من السويداء الا انه لا يقل حقداً وعنجهية وتسلط عن المساعد الذي يعتبر اقل درجة علمية منه الا انه زاد عليه بتلفظه الألفاظ وشتائم تسيئ الى الإسلام والى ان الثورة سلفية وعرعورية وغيرها من الالفاظ التي لا تنم الا عن حقد اسود دفين منذ سنوات وكأن فتحت لهم في سنوات الثورة فسحة لإخراج ما كتموه لسنوات طويلة، بقيت هكذا لمدة شهرين في التحقيق في مطار المزة، وبعدها تمت احالتي للإيداع في صالات الرياضة في المطار كانت الصالة بطول 15 متر وعرض 8 امتار يتواجد فيها 830 معتقل عنما أدخلت الى هذه الصالة رأيت وجوه شاحبة واجسام هزيلة عارية وانات الم تخرج من كافة ارجاء الصالة التي تكدس بها البشر فوق بعضهم كلما تقدمت في عمق الصالة ازدادت الرائحة الكريهة التي تصل من الأنف مباشرة الى الرأس لتوحي مباشرة بهول المنظر وفظاعة المصاب الذي وصل اليه من سبقني الى هذا المكان وما هو مصيري المستقبلي في هكذا مستنقع مكوناته أجساد من البشر عارية تلاصقت حتى تعفنت واصابتها التقرحات الجلدية والدمامل والجرب، دخلت الى ذلك المكان على امل التخلص من التعذيب اثناء التحقيق الا ان الوضع الصحي العام وتصرفات بعض المعتقلين الذين انقلبوا داخل السجن الى شبيحة يقومون بتعذيب المعتقلين وخاصة الضعفاء وكبار السن باسم السجان الذي اوكل اليهم هذه المهمة بالإضافة الى استئثارهم بحصص كبيرة من الطعام، ومساحة واسعة للجلوس والنوم على حساب باقي المعتقلين هذا الامر الذي جعل الانتقال الى صالات الإيداع بعد التحقيق والمكوث في هذه الصالات لأشهر طويلة أسوأ من التحقيق والتعذيب المرافق له ، امضين هناك في تلك الصالة ما يقارب 10 أشهر احلت بعدها الى محكمة الإرهاب بدمشق لأحاكم بتهم لم اسمع بها من قبل مثل دعم المجموعات الإرهابية والتواصل مع دول اجنبية واثارة الفتنة الطائفية لم تكن محكمة بل كانت فرع امن آخر والقاضي كأنه ضابط في فرع الامن بنفس الأسلوب والحقد والكراهية بدون دفاع او سماع اقوال لدحض ما جاء بضبط فرع الامن وانه انتزع بالتعذيب المميت .
بعد كل ذلك احلت الى سجن عدرا بدمشق بقيت فيه ستة أشهر عادت الي الحياة من جديد كونه سجن مدني حصلت على ثياب وطعام وادوية تحسنت حالتي الصحية بقيت قيد المحاكمة احلت بعد ستة أشهر الى سجن حماه وانا ما أزال قيد المحاكمة في محكمة الإرهاب بدمشق.
خرجت من السجن بتاريخ 25/1/2017 مع مجموعة من رفاقي المعتقلين البعض منهم سيق للخدمة العسكرية الاحتياط والبعض مطلوب لأفرع أخرى غير التي اعتقلته وصلت الى منزلي بحماة كنت اعرف انني لن اجد احد لان زوجتي واولادي غادروا الى تركيا لإيجاد حياة افضل بقيت بحماة لمدة 20 يوم متخوفا من إعادة اعتقالي ثم تدبرت امر الخروج من حماة باتجاه ادلب لأصل الى الحدود التركية وادخل بعدها الى تركيا عن طريق المهربين وكنت على تواصل مع اسرتي واعلم انه استقر بهم المطاف بولاية قونيا التركية .
كان لي مجموعة من الأصدقاء السابقون منهم من بقي مؤيد للنظام وعاداني واعتبرني من الإرهابيين ومنهم من اتبع تنظيمات إسلامية واعتبرني مرتد وأصبحنا تائهين ما بين الردة والخيانة من قبل الأصدقاء.
كونت صداقات جديدة داخل المعتقل ومازالت على تواصل معهم داخل سجن حماة عن طريق الهاتف اكتشفت ان المجتمع السوري رائع رغم كل شيئ كنا في سجن حماة من مختلف الأفكار والعقائد كان بيننا الإسلامي والعلماني كان بيننا السني والعلوي والإسماعيلي وعندما بدأ الاستعصاء داخل السجن اصبحنا يد واحدة في مواجهة السجان جمعتنا ووحدتنا المأساة والمعاناة حتى الشخص الأساسي في قيادة الاستعصاء كان يدعى أبو جيفارا وهو من السملية الإسماعيلية وتهمته المشاركة في نشاط ثوري .
لم يكن بالإمكان تجنب السجن فانا ابن حماة وقوات النظام موجودة فيها ولست نادم على شيء وتركت خلفي في السجن بحماة اخوة لي كنت أتمنى ان أستطيع مساعدتهم اما السجون سوف تبقى لنضع فيها من ظلمنا وظلم الشعب السوري.
ما زلت ابحث عن عمل في الهندسة في تركيا مع علمي بصعوبة ذلك اولادي يعملون ولديهم القدرة على تأمين احتياجات العائلة المادية. لم اتلقى مساعدة من أحد ولا احتاج أي مساعدة. أكبر مشكلة تواجهني بعد خروجي من المعتقل هي تأمين عمل أفضل من ان أبقى عاطل عن العمل.