تقرير حقوقي
منذ عام 2000 وحتى عام2011 صدر العديد من التشريعات القانونية من مراسيم وقوانين تناقض بعضها البعض وأحيانا تنشأ واقعة جديدة غير قابلة للتطبيق على ارض الواقع وأحيانا تفرض رسوم جديدة مع وجودها سابقاً ولكن بأسلوب آخر والعديد منها بقي على مكاتب المسئولين لا يطبق إلا في حالة المصلحة لبعض المتسلطين والمتنفذين لدى النظام القائم كقوانين الضرائب والمالية وتقييد الملكية الزراعية من حيث بيعها أو إقامة منشآت عليها وقوانين الاستثمار والجمعيات والتعليم الخاص ومعادلة الشهادات الأجنبية وقوانين السلطة القضائية التي زادت من تعقيد إجراءات المحاكمة والتي أصبحت تطول حتى سنوات عديدة . أما الشرطة فكانت السلطة التنفيذية للسلطة القضائية حيث تقوم بالتبليغات وتنفيذ مذكرات الإحضار وتنفيذ الأحكام كما كانت تأخذ دور الضابطة العدلية من حيث تقصي الجرائم وإعداد الضبط الأولي وإحالته إلى النيابة العامة لمتابعة المحاكمة والإجراءات القضائية بحق المجرم وكان جهاز الشرطة يعاني من الفساد إلى درجة كبيرة بالإضافة إلى قلة الخبرة في إعداد الضبوط وتقصي الجرائم . وفي ضمن السلسلة القضائية لم يكن المحامين في تنظيماتهم النقابية في أحسن حال من القضاء والشرطة لان بعض أفرع نقابة المحامين وخاصة في حمص وحماه ودمشق هي عبارة عن أفرع أمنية تقوم بإعداد التقارير لأفرع وإدارات الأمن أكثر ما تمارس عملها النقابي الذي يحقق مصلحة المحامين أضف لذلك التمثيل النقابي لم يكن على أساس الكفاءة والمهنية ومنتخب على اسس ديمقراطية وإنما كان هناك ثلثي الأعضاء يتم تعيينهم من قبل فرع الحزب بدون انتخابات تحت مسمى قائمة الجبهة الوطنية التقدمية وتبقى الانتخابات على عضوين وثلاثة بصفة مستقلين ولكن من لا يرضى عنه الحزب يبقى خارج الدائرة بعدة حجج الأمن الوطني وعدم الكفاءة إلى غيرها من الأسباب التي قد تنشأ عندما يترشح أي عضوا للانتخابات والسلطة الأمنية غير راضية عنه بالإضافة إلى الإجراءات المعقدة للانتساب للنقابة وطول مدتها والرسوم الباهظة التي كانت ترهق المحامي الجديد سواء عند تسجيله مدرب أو عند نقله إلى جدول الأساتذة .
ولم يكن النظام يسمح للمنظمات الحقوقية وللناشطين في مجال حقوق الإنسان للعمل في سورية بل كان يواجههم بالقمع والاعتقال منذ الثمانيات وحتى قيام الثورة وتغييبهم قسريأ مثل الناشطة رزان زيتوني الناشطة في مجال حقوق الإنسان والمحامي خليل معتوق المدافع عن معتقلي الرأي ومازن درويش الصحفي السوري الحر واوجد هيئات خاضعة له تحت مسمى حقوق الإنسان مثل المرصد السوري لحقوق الإنسان بقيادة عنصر المخابرات العسكرية رامي عبد الرحمن الذي يصدر التقارير التي تأتيه من الإدارات الأمنية والحزبية للنظام .
أما الجامعات فلم تكن بأحسن حال فالهيئات الطلابية للكليات والمكاتب الإدارية للجامعة التي تمثل الطلاب كانت تأتي من السلطات الحزبية والأمنية على شكل تعيين من اجل إبقاء القبضة الأمنية بقوة صارمة في الوسط الطلابي لمنع حدوث أي خلل يضر بمصالح المنتفعين من الحزب وسلطاته الأمنية وكانت تصل إلى حد استغلال الطالبات وتحكم الدكاترة المدرسين للمقررات الجامعية الفاسدين بمصير الطلاب بترسيبهم ببعض المواد وإجبارهم على دفع الرشاوى وغيرها من المكاسب المادية ومن اجل الحفاظ على السلطة الأمنية بالتوجهات الحزبية البعثية كل جامعة لها فرعها الحزبي المخصص وكل كلية شعبة حزبية وللجامعة مفارز أمنية تتبع جميع السلطات الأمنية من امن عسكري وسياسي وامن دولة وغيرها ولهم عناصر بين الطلاب ومكاتب في كل كلية بشكل مستقل
أما الجمعيات فحالها من حال جميع مؤسسات الدولة حسب الفكر الأمني يجب أن تبقى تحت السيطرة فهي بالاسم منظمات مجتمع مدني ولكن يغلب عليها الطابع الحكومي حيث تقيد بترخيصها بتعيين المدير الذي تحدده لها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وكذلك المحاسب ومدقق الحسابات أضف إلى الرقابة التفتيشية على الأموال والهبات والتبرعات التي تصل إلى صندوق الجمعيات والتحكم في صرفها من قبل الدولة وفرض رسوم عليها بحجة القيمة المضافة والاستهلاك .
بسبب هذا الفساد الذي كان يتغلغل في مؤسسات الدولة العامة والنقابية والأمنية وبسبب التضييق على الشعب من جميع النواحي انتفض الشعب في سورية ضد الفساد والاستبداد وامتدت الثورة إلى داخل الجامعات والأوساط الطلابية والنقابية ولكنها ووجهت بالقمع والعنف والاعتقال من قبل الحزبيين والأمنيين الذين وضعهم الحزب والأمن لمواجهة مثل هذه اللحظات فاعتقل الآلاف من الطلاب من داخل جامعاتهم في دمشق وحلب وحمص وباقي المدن السورية الثائرة كما طال الاعتقال العديد من المحامين والأطباء والمهندسين وكان أول من واجه الفئات الثائرة من المثقفين هي تنظيماتهم النقابية التي أخذت دور السلطات الأمنية في القمع والاعتقال وكانت النتيجة المئات من ضحايا التعذيب الذين ماتوا في الأقبية الأمنية من الطلاب والأطباء والمحامين والآلاف منهم مازال مصيرهم مجهول
وبعد الممارسات القمعية ضد الشعب الثائر وخاصة ضد المثقفين عمل من بقي ومن خرج من المعتقلات بعد ما لاقاه من التعذيب والقمع على إنشاء نقابات وتنظيمات حرة منذ بداية عام 2012 حيث كان هناك نقابات للمحامين وللمعلمين والمهندسين الأحرار وتنظيمات وروابط طلابية حرة وروابط حقوقية ردا على قمع النظام واستيلائه على التنظيمات النقابية من قبل مؤيديه الموجودين فيها وقد لاقت هذه التنظيمات بعض النجاح بالرغم من قلة الخبرات والإمكانيات المادية وصعوبة المرحلة التي وجدت فيها ولكن استطاعت أن تؤسس لنفسها كيان مستقل وعملت على إيصال صوت الشعب السوري الحر إلى العالم كما عملت على توثيق الحقيقة وفضح أفعال النظام اللاأنسانية والقمعية وإعداد التقارير الحقوقية وتوثيق الانتهاكات سواء بشكل مستقل أو بالشراكة مع منظمات حقوقية عالمية حيث وجدت هذه المنظمات بعد قمع وتقييد طال لسنوات الأرضية التي تعمل عليها سواء في الداخل السوري أو الدول المجاورة ومن هذه المنظمات كانت رابطة المحامين السوريين الأحرار التي عملت على توثيق انتهاكات النظام السوري والشبكة السورية لحقوق الإنسان التي أصدرت العديد من التقارير الحقوقية وكذلك النقابات من محامين ومهندسين ومعلمين وروابط أخرى وتتطلع هذه التنظيمات لأن تأخذ دورها الفعال في مستقبل سورية في تعزيز سياسة ومراعاة حقوق الإنسان ونشر ثقافتها وإيجاد السبل القانونية لتضمين التشريعات والقوانين المحلية نصوصا تكفل وتضمن مراعاة حقوق الإنسان والعدالة والمساواة دون تمييز للجميع
أما الآن فمازالت سورية تحت تداعيات النزاع فإن دور المنظمات الحقوقية يزداد صعوبة وخطورة وتحمل عبئا أكبر, خاصة وأن هذه المنظمات ترضخ تحت وطأة الاشتباكات المسلحة وعدم وجود مرجعية أمنية أو قضائية واحدة. وفي ظل توزع المناطق تحت أمرة أمراء سلاح يرتكبون كل أنواع الانتهاكات دون أي رادع, لذلك فإن الأولويات تختلف بالنسبة لها فأول هذه المهام هي تكثيف عمليات توثيق الانتهاكات من قبل كل الأطراف وتجميع هذه الملفات تمهيدا لفتحها أمام المحاكم الوطنية أو الدولية لمحاسبة المنتهكين وتمهيدا للمصالحة عندما يأتي وقتها. وحشد الرأي العام المحلي والعالمي والطلب إلى المجتمع الدولي اتخاذ الخطوات اللازمة لوقف الانتهاكات الشديدة التي تشكل جرائم حرب بكل معنى الكلمة
كما إن من مهامها إعداد الكوادر المدربة على التوثيق وجمع الملفات, وإعداد الكوادر الحقوقية لتقديم هذه الملفات أمام المحاكم, وتهيئة وإعداد الكوادر التي ستقوم بعملية العدالة الانتقالية ونشر ثقافة المصالحة والمجتمع عند البدء بعملية الانتقال السياسي بعد محاسبة القتلة والجناة وكل من ارتكب جريمة بحق الشعب الثائر محاولا الوقوف في وجهه وحقه في حريته وتقرير مصيره
وكذلك من مهام المنظمات الحقوقية إعداد الدراسات والأبحاث القانونية التي تتضمن صورة شاملة لكيفية إعادة بناء النظام السياسي وهيكليته الإدارية والتنظيمية بما يحترم حقوق الإنسان ويوفر أوسع الضمانات لممارسة الديمقراطية
ومتابعة أوضاع النازحين واللاجئين الهاربين من مناطق الاشتباكات والعمل مع سلطات المناطق والدول المضيفة لتحسين شروط حياتهم والدفاع عن حقوقهم
وأخيرا المساهمة بتقديم ما يمكن من عون ومساعدة وإغاثة لضحايا الانتهاكات المحتاجين .